دين ودنيا

هل أصبح الجار عدواً

ما اجمل الحياة التي عاشها آباؤنا واجدادنا في الماضي وكم كانت حياتهم مليئة بالحب والمآخاة ، لم يكن الجار إلا  سندا لجاره في أتراحه وأفراحه ولم يكن الجار إلا محافظا على عرض جاره وماله في غيابه وحضوره.

وكل ذلك نابع من فضائل الاخلاق التي حثنا عليها ديننا الحنيف ومن هدي نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، فديننا لم يقتصر على الشهادة والصلاة والصيام بل ذهب بنا من مجتمعات متشرذمة متفرقة الى مجتمع ملتحم متآخي يحرص على مكارم الاخلاق في معاملاته الاجتماعية والتجارية وحتى في الحرب والسلم .. ما اعظمه من دين.

فالأسلام قد وضع نظاما يضمن من خلاله حقوق الجار ويضمن التراحم والتعاطف والتكاتف وكل ذلك مبني على البر والتقوى ومعادي للإثم والعدوان وعظم الله تعالى حق الجار على جاره فقال تعالى { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} [النساء : 36]

فجمع الله تبارك وتعالى بين الامر بعبادته والامر بالاحسان الى خلقه وهذا الاحسان يتضمن الاحسان الى الجار مسلما كان ام كافرا قريبا ام غريبا ملاصقا ام بعيدا… ما اعظم عدلك ربي.

فالمذكورين في الآية الكريمة  لهم حق الجوار وإن تفاوتت حقوقهم بتفاوت أحوالهم وقد دلت النصوص الشرعية أن الجار ثلاث:

  1. جار له ثلاث حقوق، (حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة) وهو الجار المسلم القريب.
  2. جار له حقان، (حق الجوار، وحق الإسلام) وهو الجار المسلم.
  3. جار له حق واحد، (حق الجوار) وهو الجار الكافر.

فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ قال [ مازال يوصيني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه] وقوله ﷺ [من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره]  كيف نكرم الجار؟

يمكننا القول بان حق الجار ثلاث مراتب: ادناها كف الأذى عنه، ثم احتمال الأذى منه، وأعلاها واكملها إكرامه والإحسان اليه. فالمرتبة الأولى هي كف الأذى عن الجار  فإذا لا تريد الاحسان إلى جارك فكف اذاك عنه فلا يوجد اقل من ان تكف اذاك عنه.

من صور اذية الجار، التطلع الى محارمهم، والنظر الى نسائهم، وتتبع عوراتهم، والتنصت عليهم، والتجسس على احوالهم، وكشف اسرارهم ونشر مقولة السوء عنهم، والوقوع في اعراضهم، والسعي في الافساد بينهم، وايذاؤهم برفع أصوات اللهو والغناء الحرم، وكذلك اصدار الأصوات المزعجة لهم وخصوصا في أوقات النوم والراحة….. الخ.

فليحرص كل منا على حسن معاملة جاره ولنجعل حسن اخلاقنا مع جيراننا في ميزان حسناتنا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى