اقتصاديات و أعمالدين ودنيا

لا تكن انت وكورونا على اخيك

من منا لم يتضرر من الأوضاع الاقتصادية التي صاحبت وسبقت كورونا ؟؟ كم منا فقد عمله وكم منا  تراجعت مبيعاته الى الصفر في ظل هذه الازمة ؟ اصبح ثقل توفير الاحتياجات الأساسية للعائلة حمل كبير لا يشعر به احد سوى رب المنزل الذي ارهق من قلة الدخل وتراكمت عليه الديون، من إيجار المنزل واقساط السيارة واقساط المدارس وفواتير الكهرباء والمياه وغيرها من الالتزامات العائلية المرهقة ماديا ونفسيا…. اصبح رب المنزل ملاحقا من جميع الجهات ولا يستطيع فعل شيء سوى مماطلة هذا ودفع دفعة لهذا واسترحام هذا واقعا في المعادلة الصعبة “هل أقوم بسداد التزاماتي ام أقوم بتوفير قوت اولادي؟” فالمتعثر ماليا بسبب الظروف الراهنة ليس مجرما او هاربا من التزاماته اتجاه الغيرينبغي علينا معاقبته واللحاق به والتشهير به إنما هو رجل ضاقت احواله وضعف حاله امام هموم المعيشة وليس له أحدا الا الله، فلما هذه القسوة في تعاملاتنا مع المعسريين ولما هذا الجبروت في زيادة احمال عباد الله؟

قال ﷺ ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) قالها عليه الصلاة والسلام عندما رآه احد الصحابة الكرام يقبل الحسن رضي الله عنه فسأله فقال الصحابي ” إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم ” … الرحمة يا عباد الله ما اجملها من صفة وما ابدعها من خصلة لنتحلى بها في أيامنا هذه كما انها مخرجة لما نحن فيه من الضيق وملجأ من الغموم والهموم والمصائب والأزمات وتحل حاجات المجتمع العامة ففي الحديث (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

فالدور هنا ليس مقصورا فقط على كاهل الدولة فقط بل هو واجب على جميع شرائح المجتمع افراد وأصحاب عقار وشركات، والدور الحقيقي لهم بالتراحم فيما بينهم بعدم اثقال كاهل الناس بالمطالبة بالديون وان كانت لك القدرة المالية فأقضي الدين عن المدينيين، لا تبالغ في أسعار بضاعتك التي انت تعلم جيدا بحاجة عباد الله لها لاطماع دنيوية ، اعفي المستأجرين لديك من ايجارهم ليتمكنو من الوقوف مرة أخرى على ارجلهم بعد الوضع الاقتصادي الذي يمرون به، اذا كنت تعلم ان أحدا من اقاربك يمر بظروف سيئة وانت لديك القدرة على مساعدته فساعده واحتسب الاجر عند الله تبارك وتعالى … قال ﷺ ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر ، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مؤمنا ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطّأ به عمله ، لم يسرع به نسبه ) رواه مسلم.

فالمعنى الحقيقي لللحمة المجتمعية يأتي بالتراحم بين افراده ونشر هذا المفهوم مما يعود بالفائدة على جميع شرائحه وله الدور الأهم في مواجهة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها عباد الله والجميل هنا ان الاجر من الله تبارك وتعالى فنحن نفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله وتفريج كرب الناس فكم منا بحاجة الى هذا الاجر العظيم وكم من متعففي الانفس بحاجة الى ما يقويهم ويسند حالهم  … الحمدالله ان الخير فينا وان امة محمد ما اجتمعت على ضلالة والحمدالله اننا  نحن امة الاسلام رحماء فيما بيننا والحمدالله على نعمة الإسلام التي وحدت قلوبنا وحملتنا من الجهل والضلالة الى النوروالهدى … انما هي صحائفنا فالنكتب فيها من سطور من بر وتقوى مما يزيد في ميزان حسناتنا ويجمل صورتنا امام مالك الملك يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم والصلاة والسلام على اشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين

رامي منصور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى